اﻟﺘﺤﻮل اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻟﻠﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ودور اﻟﺼﺎدرات غير اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ ﻓﻲ رؤﻳﺔ 2030

تسير المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو بناء اقتصاد متنوع ومتين، تقوده مستهدفات رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيس للدخل، وزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي؛ ومن بين أهم مسارات هذا التحول الاقتصادي تعزيز الصادرات غير النفطية بوصفها محركاً للنمو، ومصدراً مستداماً للدخل، وأداة رئيسة لرفع مستوى التنافسية العالمية للمنتجات الوطنية.

شهدت الصادرات غير النفطية للمملكة نمواً خلال عام 2025، و وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء،  ارتفعت نسبة الصادرات غير البترولية (شاملة إعادة التصدير( في فبراير 2025 م حيث بلغت %14.3 ،  مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي. كما سجلت عمليات إعادة التصدير (أي تصدير المنتجات المستوردة إلى أسواق أخرى) زيادة كبيرة بنسبة 45.9%، وهو ما يعكس تقدم المملكة كمركز لوجستي إقليمي، في المقابل، انخفضت حصة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات من  %76.3 في شهر فبراير 2024م إلى %72.1  في شهر فبراير 2025م ما يشير إلى التقدم الفعلي في تنويع الاقتصاد الوطني.

وقد شكَّلت منتجات الصناعات الكيماوية نسبة 20.3% من إجمالي الصادرات غير النفطية، تليها اللدائن والمطاط ومصنوعاتهما بنسبة 20.0%، وتصدّرت الصين قائمة الدول المستوردة من المملكة، تليها كوريا الجنوبية ، ثم الإمارات، بالإضافة إلى الهند، واليابان، ومصر، وبولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، وتايوان، ومملكة البحرين، من بين أهم 10 دول تم التصدير إليها، وقد شكلت الصادرات إلى الدول العشر الأعلى استيراداً نحو 72.0% من إجمالي صادرات المملكة.

رغم هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات تعيق توسع بعض المصدّرين؛ أبرزها الحصول على التمويل التجاري اللازم لتوسيع نطاق التصدير، لا سيما بالنسبة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذه المنشآت تحتاج إلى دعم مالي لتغطية تكاليف التصنيع، والدخول إلى الأسواق العالمية، والامتثال لمتطلبات التصدير الدولية. ولأن هذا التحدي داخلي بطبيعته، فإن معالجته تعتمد على تطوير أدوات تمويلية فعَّالة وموجهة.

هنا يبرز دور صندوق التنمية الوطني في دعم منظومة التصدير الوطني، فمن خلال الصناديق والبنوك التابعة، يعمل الصندوق على توفير التمويل طويل وقصير الأجل، وضمانات الصادرات، وخدمات ما قبل وبعد الشحن، بما يمكّن المنتجات السعودية من الوصول إلى الأسواق الدولية بكفاءة وموثوقية. وتلعب هيئة تنمية الصادرات السعودية وبنك التصدير والاستيراد السعودي دوراً تكاملياً ضمن هذا الإطار.

خلال مشاركته في منتدى المحتوى المحلي لعام 2024، أعلن بنك التصدير والاستيراد السعودي عن تقديم 18 منتجاً تمويلياً موجهاً للمصدرين، شملت منتجات تمويل الصادرات، تمويل المشترين الدوليين، وتمويل رأس المال العامل، وضمانات ائتمان، وغيرها، وذلك ضمن شروط تركز على نسب المحتوى المحلي في المنتج؛ مما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني على أكثر من صعيد.

هذه الجهود تمضي بالتوازي مع إشادات دولية بأداء الاقتصاد السعودي؛ حيث رفعت وكالة (ستاندرد آند بورز) نظرتها المستقبلية للمملكة إلى “A+”، في حين رفعت وكالة (موديز) تصنيف المملكة الائتماني إلى Aa3، ما يعكس ثقة المؤسسات المالية العالمية في قدرة المملكة على تنفيذ خططها الإصلاحية وتحقيق التوازن المالي والاقتصادي.

بالفعل، فإنّ تمكين الصادرات غير النفطية يساهم في تحقيق رؤية المملكة، وتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد إنتاجي متنوع، أكثر استدامة ومرونة أمام التحديات، ومن خلال تطوير البنية التحتية التجارية، وتحفيز الإنتاج المحلي، وتقديم أدوات تمويل مبتكرة، يسهم صندوق التنمية الوطني بفاعلية في هذا التحول الوطني، الذي يعزز مكانة وطننا كقوة اقتصادية عالمية.


إخلاء مسؤولية: تُعد المعلومات الواردة في هذا المقال معلومات عامة ، لأغراض تثقيفية فقط، وتهدف إلى تقديم رؤى عامة حول . ولا يُقصد بها تقديم مشورة مهنية متخصصة من أي نوع عرض المزيد